السبت، 29 مارس 2014

صفات مكة في التوراة وصفات رسولها وما تئول إليه من العمران

  • صفات مكة في التوراة وصفات رسولها وما تئول إليه من العمران
  • الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
  • من درس: النبوة (الحلقة التاسعة)



 ذكر أن مكة سيأتيها الحجيج من كل فج بالهدي 
قال شيخ الإسلام : "قالوا: وقال أشعياء النبي عليه السلام مثنياً على مكة شرفها الله: (ارفعي إلى ما حولك بصرك، فستبتهجين وتفرحين؛ من أجل أن الله يصير إليك ذخائر البحرين، وتحج إليك عساكر الأمم، حتى يعم بك قطر الإبل الموبلة، وتضيق أرضك عن القطرات التي تجتمع إليك، وتساق إليك كباش مدين ويأتيك أهل سبأ، ويسير إليك أغنام فاران ، ويخدمك رجال مأرب )، يريد سدنة الكعبة وهم أولاد مأرب بن إسماعيل .

قالوا: فهذه الصفات كلها حصلت بـمكة ، فحملت إليها ذخائر البحرين"، وهذا ليس فيه شك، "وحج إليها عساكر الأمم" ولا يمكن أن تنطبق هذه الأوصاف على بلد غيرمكة شرفها الله، وسيقت إليها أغنام فاران ".

قوله في البشارة: (وتساق إليك كباش مدين )، تقع مدين في شمال جزيرة العرب بين بلاد العرب وسيناء ، وما زالت كباش مدين إلى الآن تحمل هدياً إلى هذا البيت؛ فلا يمكن لأحد أن ينكر أن هذا إنما ينطبق على وصف مكة ، ولا يمكن أن ينطبق على بلد آخر غيرها.

وقوله: (يأتيك أهل سبأ)، فهذا معلوم أنهم أتوا إليها وما زالوا يأتون، (ويسير إليك أغنام فاران )، وهي البرية بين مكة إلى الشام ، ومن رأى الناس -خاصة أيام الحج- كيف تسير بالقوافل من الإبل والبقر والغنم، رأى أمراً عجيباً! ولا يساق إلى أي بلد في العالم بمثل هذا العدد، فسبحان الله رب العالمين!!

وقوله: (ويخدمك رجال مأرب ) أي: يصبحون سدنة.

قال: "قالوا: وقال أشعياء النبي صلى الله عليه وسلم معلناً باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني جعلت أمرك محمداً، يا محمد يا قدوس الرب، اسمك موجود من الأبد)، قالوا: فهل بقي بعد ذلك لزائغ مقال أو لطاعن مجال؟! وقول أشعياء : إن اسم محمد موجود من الأبد، موافق لقول داود الذي حكيناه أن اسمه موجود قبل الشمس.

قالوا: وقال أشعياء -وشهد لهذه الأمة بالصلاح والديانة-: (سأرفع علماً لأهل الأرض بعيداً، فيصفر لهم من أقاصي الأرض فيأتون سراعاً)، والنداء هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من التلبية في الحج"، ومعروف أن المقصود هو البيت الحرام؛ حيث إن الناس يأتونه من كل فج عميق.
 التبشير بأن مكة ستحيا بالذكر والناس أكثر من بيت المقدس 
 قال شيخ الإسلام رحمه الله: "قالوا: وقال أشعياء النبي -والمراد مكة شرفها الله تعالى: (سيري واهتزي أيتها العاقر التي لم تلدي، وانطقي بالتسبيح، وافرحي إذ لم تحبلي؛ فإن أهلك يكونون أكثر من أهلي)، يعني بأهله بيت المقدس ، ويعني بالعاقر مكة شرفها الله؛ لأنها لم تلد قبل نبينا عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز أن يريد بالعاقر بيت المقدس ؛ لأنه بيت للأنبياء ومعدن للوحي؛ فلم تزل تلك البقعة ولادة".

يقول: هما مدينتان في العالم: مدينة قد ولدت، ومدينة لم تلد بعد -وذلك في أيام أشعياء - فالتي قد ولدت هي بيت المقدس ؛ فإن لها كثيراً من الأولاد (الأنبياء)، والتي ما تزال عاقراً هي مكة ؛ لأن فيها رسولاً واحداً لم يخرج بعد.

فيقول: (سيري واهتزي أيتها العاقر التي لم تلدي، وانطقي بالتسبيح، وافرحي إذ لم تحبلي؛ فإن أهلك يكونون أكثر من أهلي)، أي: إذا خرج هذا المولود وظهر هذا النبي منك، فسيكون أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء الذين في بيت المقدس.
 ذكر خاتم النبوة 
 قال شيخ الإسلام : "قالوا: وقال: أشعياء النبي -ونص على خاتم النبوة-: (ولد لنا غلام يكون عجباً وبشراً، والشامة على كتفيه، أركون السلام، إله جبار، وسلطانه سلطان السلام، وهو ابن عالمه، يجلس على كرسي داود). قالوا: الأركون هو العظيم بلغة الإنجيل، والأراكنة: المعظمون. ولما أبرأ المسيح مجنوناً من جنونه، قال اليهود: إن هذا لا يخرج الشياطين من الآدميين إلا بأركون الشياطين".

أي: لما كان عيسى عليه السلام يخرج الشياطين من المصروعين، قال اليهود: إن هؤلاء الشياطين لا يخرجون إلا بأركون الشياطين، أي: بالشيطان الأكبر؛ متهمين بذلك المسيح عليه السلام.

قال: "وسماه على نحو قول التوراة: (إن الله جعل موسى إلهاً لفرعون) أي حاكماً عليه ومتصرفاً فيه...

فقد شهد أشعياء بصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفه بأخص علاماته وأوضحها،وهي شامته".

ويدل على هذا قصة سلمان الفارسي الطويلة، لما ترك عبادة النار، ثم ذهب إلى صاحب بصرى ، ثم صاحب إيليا ، ثم جيء به رقيقاً، ثم لما وصل إلى المدينة وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أصحابه، أخذ ينظر وراءه؛ لأنه يريد أن يرى خاتم النبوة، حتى رآه فأكب عليه وقبله، يقال: إنه ظل يبحث مائة وخمسين عاماً، وبعض الروايات تذكر أربعين وأربعين وأربعين وهو يعبد الله؛ فهذا الخاتم هو الذي ذكره أشعياء ، وهذه العلامة منقولة من كلام أشعياء ، ثم تناقلها الناس حتى وصلت إلى سلمان الفارسي ، وهذا شيء لا يمكن أن يكون كذباً، وحديث سلمان دليل على أن لهذه البشارة أصلاً وحقيقة.
 وصف أشعياء لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "قالوا: وقال أشعياء : (ستمتلئ البادية والمدن من أولاد قيدار ، يسبحون، ومن رءوس الجبال ينادون، هم الذين يجعلون لله الكرامة، ويسبحونه في البر والبحر)، وقيدار هو ابن إسماعيل باتفاق الناس"، ولا توجد أمة ينادون من رءوس الجبال إلا المسلمين، فإنهم إذا كانوا في سهل، فإن أحدهم يصعد إلى أعلى شيء ليؤذن، فهذا معلوم أنه من صفات المسلمين.
قال: "قالوا: وقال أشعياء -والمراد مكة - : (أنا رسمتك على كفي، وسيأتيك أولادك سراعاً، ويخرج عنك من أراد أن يخيفك ويخربك، فارفعي بصرك إلى ما حولك، فإنهم سيأتونك ويجتمعون إليك، فتسمي باسمي إني أنا الحي، لتلبسي الحلل، وتزيني بالإكليل مثل العروس، ولتضيقن خراباتك من كثرة سكانك والداعين فيك، وليهابن كل من يناوئك، وليكثرن أولادك حتى تقولي: من رزقني هؤلاء كلهم وأنا وحيدة فريدة يرون رقوب؟! فمن ربى لي هؤلاء؟! ومن تكفل لي بهم؟!).
قالوا: وذلك إيضاح من أشعياء بشأن الكعبة، فهي التي ألبسها الله حلل الديباج، ووكل بخدمتها الخلفاء والملوك".
ثم ذكر شيخ الإسلام رحمه الله نبوءات حبقوق ونبوءات دانيال .
والمقصود من كل ما تقدم: أن هذه النبوءات الموجودة في كتب اليهود والنصارى دالة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ناطقة ومصرحة بهذه الصفات التي لا يمكن أن تنطبق إلا عليه صلى الله عليه وسلم.
http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&ContentID=4994

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق